المادة: الفلسفة.
مجزوءة الوضع البشري.
المحور الثاني: الشخص بوصفه قيمة.
تحليل نص "جورج غوسدورف": استقلالية الشخص.
|
تأطير النص:
النص مقتطف من كتاب "مقالة في الوجود الأخلاقي" (1949) "لجورج غوسدورف"، وفي هذا النص يسير "غوسدورف" على خلاف الفلسفات السابقة التي تناولت الشخص من منظور نظري وميتافيزيقي، فهو يؤكد في هذا الكتاب أن قيمة الشخص لا تتحدد في المجال الوجودي الفردي، ولكن في إطار أشكال التضامن بين الناس.
صاحب النص:
جورج "غوسدروف" فيلسوف فرنسي ولد عام 1912 ومات سنة 2000، درس الفلسفة بجامعة ستراسبورغ، من مؤلفاته المعروفة "اكتشاف الذات"، "رسالة في الوجود الأخلاقي"، "مدخل إلى العلوم الإنسانية"، وجه "غوسدورف" نقدا إلى الفلاسفة العقلانيين الذين يفككون الشخص ويرسمون للإنسان صورة مجردة لا يمكن للناس العاديين أن يتعرفوا فيها على أنفسهم، داعيا إلى إحياء الأساطير لأنها تنطق بمادة الواقع الإنساني وتحتوي على القيم في حالتها البدائية، إن الإنسان في نظره لا يواجه مشكلات منطقة مجردة بل مواقف درامية لا بد لها أن يتحمل فيها مسؤولية حريته الخاصة في مواجهة أخطار الوجود كافة، ولكي يتعرف الإنسان ذاته لابد من الاستعانة شعار "كن من أنت"، وترك الشعار الاتباعي "اعرف نفسك بنفسك".
الطرح الإشكـالي:
أين تكمن قيمة الشخص، هل في وجوده الفردي أم في انخراطه داخل أشكال التضامن بين الناس؟
المفاهيم الأساسية:
الاستكفاء: هو قدرة الفرد على العيش ماديا وأخلاقيا بمعزل عن الآخرين، بمعنى أنه يكون قادرا على تحقيق حاجياته في استقلالية عن الآخرين، وهو ما يختلف عن طابع الإنسان باعتباره كائنا مدنيا واجتماعيا بطبعه.
الغيـر: هو مقابل الأنا، وهو الآخر الذي تعيش الأنا في علاقات معه، وتكون علاقة الأنا بالغير مبنية على الصداقة أو على الغرابة ...، وقد يكون الغير فردا أو جماعة أو ثقافة.
التضامن: ظاهرة اجتماعية تنعكس في كون الأفراد يترابطون فيما بينهم في شكل بنية تضامنية، وقد يكون تضامنا آليا كما في المجتمعات البدائية، وقد يكون تضامنا عضويا في المجتمعات التي تعرف كثافة سكانية كبيرة (كما يرى إميل دوركايم).
الأطروحة:
يرى "غوسدورف" بأن معرفة الذات لا تتحقق بمجرد النظر إلى أنفسنا والتأمل فيها، إنها لا تتحقق إلا بواسطة العالم وفي العالم، وهنا نتكلم عن الإنسان كشخص يكتمل مع الآخر ويكتسب قيمته داخل الجماعة.
الأفكار الأساسية:
ü عرفت البشرية عبر تاريخها أشكال تضامن بسيطة وأساسية سمحت لها بالبقاء.
ü إن الكمال الشخصي لا يكمن في مجال الوجود الفردي ولكن في مجال التعايش داخل المجموعة البشرية.
ü الشخص الأخلاقي هو الذي يدرك أنه لا يوجد إلا بالمشاركة مع الآخرين.
ü الشخص الأخلاقي هو الذي يقبل الوجود النسبي ويتخلى نهائيا عن الاستكفاء الوهمي.
البنية الحجـاجية:
النفي: "لا ينبغي أن ننسى، أن الغنى لا يوجد في التحيز..."
أمثلة: "التضامن، الاستكفاء، الاستقلال..."
التقابل: "يقبل... ويتخلى..."
الاستنتاج:
الكمال الشخصي لا يتحدد في مجال الوجود الفردي المستقل، بل يتحقق في مجال التعايش وداخل المجموعة البشرية وانفتاح الذات الفردية على الكون وتقبل الآخر.
قيمة النص وراهنيته:
تكمن قيمة النص في التأكيد على ضرورة اندماج الفرد داخل الحياة الاجتماعية، وأن يكون فاعلا داخل هذه الجماعة، ومتعايشا مع الآخر في إطار التكامل الإنساني، وهذه القيمة مهمة في واقعنا الحاضر خاصة وأن حالة من العنف والفوضى تطبع كثيرا من العلاقات بين الأفراد والمجتمعات.
استغـلال معطيـات النص للإجابة على الإشكـال المطروح:
على ضوء معطيات النص يمكن حل الأشكال بالتأكيد على أهمية التشبع بـ "نحن" بدل "الأنا"، فنقبل الحياة الاجتماعية ونتخلى عن النزعات الفردانية.
إرسال تعليق